الفساد وأثره على المجتمع
الفساد وأثره على المجتمع
الفساد ظاهرة عالمية تشكو منها كل الدول لما له من خطر على الأمن الإجتماعي والنمو الإقتصادي والأداء الإداري وعلى الرغم من اختلافه من مكان إلى أخر بصوره وأشكاله وحجم انتشاره وأثره على مختلف نواحي الحياة يعتبر من أهم أسباب الضعف الداخلي والخارجي للدول .
فأثاره المدمرة على النواحي السياسية والإجتماعية والإقتصادية تهدد قوة ومكانة أية دولة في العالم وتضعفها فالفساد في جوهره حالة تفكك تعتري المجتمع نتيجة فقدانه لسيادة القيم الجوهرية ولعدم احترام القانون وعدم تكريس مفهوم المواطنة وغياب ثقافة حقوق الإنسان واحترامها بشكل طبيعي وتلقائي والفساد آفة تدمر النفس البشرية وتهدم القيم والأخلاق ناهيك عما يسببه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على تدمير اقتصاد البلد وبالتالي فشل الدول بمواجهة تحديات المستقبل .
إن الفساد عندما يتغلغل في جسم الإدارة الحكومية يصبح كالسرطان الذي يمتد إلى كل خلية من خلايا الكائن الحي ينهك الأجهزة الحكومية وينهك أداءها ويهدد مواردها ويضعف مناعتها ويكثر من انتشار الأمراض الادارية المزمنة التي تؤثر سلبا على حقوق الإنسان وخاصة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .
بهذه السطور المقدمة سنلقي الضوء على الفساد وخاصة الفساد الاداري وأسبابه ومقترحات لعلاجه والتقليل من آثاره على الدولة والمجتمع من خلال ماقاله الدكتورخالد الفارس من قسم علم الاجتماع بجامعة تشرين :
مفهوم الفساد الإداري : الفساد لغة : الفساد في معاجم اللغة هو ( فسد ) ضد صلح ( والفساد ) لغو البطلان فيقال فسد الشيء أي بطل واضمحل والفساد هو " سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة " يمكن القول أن الإطار العام للفساد ينحصر في سوء استعمال السلطة أو الوظيفة العامة وتسخيرها لقاء مصالح ومنافع تتعلق بفرد أو بجماعة معينة .
أسباب الفساد ( الاداري ) : تعد ظاهرة الفساد ظاهرة مركبة تختلط فيها الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولذا تتعدد أسباب نشوئها ومن هذه الأسباب عدم اتساق الأنظمة ومتطلبات الحياة الاجتماعية وضعف الرقابة وأسباب الفساد بالعموم تعود في الغالب إلى سببين رئيسيين هما : الرغبة في الحصول على منافع غير مشروعة ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة وبالطبع نحن هنا بصدد التحدث عن أسباب الفساد الاداري بشكل خاص ويمكن تقسيمها بشكل مختصر إلى :
- اسباب تربوية وسلوكية : بعدم الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الأطفال مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم احترام القانون .
- أسباب اقتصادية : فيعاني اكثر الموظفين – خصوصا في الدول النامية – من نقص كبير في الرواتب والامتيازات ما يعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المعيشة ومن هنا يجد الموظف نفسه مضطرا لتقبل الهدية ( الرشوة ) من المواطنين ليسد بها النقص المادي الناتج عن ضعف الرواتب .
- أسباب بيئية داخلية ( قانونية ) : وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين .
آثار الفساد على الإنسان :
إن الآثار المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات وبالتالي تشكل منظومة تخريب و إفساد وتسبب مزيدا من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي والفساد الإداري له آثار كبيرة على الدولة في كل قطاعاتها وبالتالي له تأثير مباشر في خفض وتقليص نوعية الخدمة التي تقدمها الدولة للمواطن وهذا حتما ما سيؤدي إلى التأثير على حقوق الإنسان ونوضح بمثل بسيط التأثير السلبي للفساد على حقوق الإنسان الاقتصادية فالفساد يضعف التدفقات الاستثمارية وقد يعطلها مما يمكن أن يسهم في تدني إنتاجية الضرائب وبالتالي تراجع مؤشرات التنمية البشرية خاصة فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة وبرأيي من اخطر نتائج الفساد هو تحول الوظيفة العامة من وسيلة لإدارة الشأن العام لأفراد المجتمع ومن أداء للخدمة العامة ومن كونها تكليفا قانونيا وأمانة وطنية مقدسة إلى سلعة يتم المتاجرة بها بيعا وشراء بممارسة الفساد وهذا ما يؤدي إلى " خلخلة القيم الأخلاقية وإلى الإحباط وانتشار اللامبالاة والسلبية بين أفراد المجتمع وبروز التطرف والتعصب في الآراء وشيوع الجريمة كرد فعل لانهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص " وكذلك يؤدي الى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي وتراجع الإهتمام بالحق العام والشعور بالظلم لدى الغالبية وانتشار الفقر فالفساد يشوه البنى الإجتماعية والنسيج الإجتماعي .
بعض الأفكار لمكافحة الفساد :
- زرع ثقافة محاربة الآفة الإجتماعية في أذهان الناس ليدركوا أن الكفاءة والعدل والنزاهة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون هي القيم التي يجب على المجتمع السعي لتعزيزها وهنا تلعب التربية الأخلاقية والبرامج التعليمية التي توضح مظاهر الفساد ومضاره دورا هاما بحيث يتربى الفرد منذ الصغر على هذه المبادئ لتصبح مع مرور الزمن جزءا من سلوكه الشخصي القويم .
- للتصدي للفساد يجب ان نبدأ بأسبابه الجذرية عبر تغيير المفاهيم الشائعة لدى الناس حول إهدار المال العام والوساطة وإضاعة الوقت .
- التركيز على وضع العقوبات القانونية الرادعة ومعاقبة المنحرفين إداريا حتى يكونوا عبرة لغيرهم وردعا للمفسدين .
- خلق قنوات اتصال فعالة بين الإدارات والموظفين للمشاركة في الآراء والقرارات وتحسين الإداء وتحفيز الموظفين وتوفير التدريب المطلوب والتنمية للحد من التفكير في الفساد الإداري .
- إقرار قانون أخلاق المهنة في شتى الوظائف والقطاعات وأن تكون الأمانة والكفاءة والعدالة الأسس الرئيسية عند اختيار شاغلي المناصب الإدارية والموظفين .
- وفي النهاية إن مفاهيم الخير والشر مرتبطة بالطبيعة الإنسانية وتبقى التوصية الأخيرة هي الرقابة الذاتية التي تقوم عليها مبادئ الأخلاق .
تعليقات
إرسال تعليق